عقوبة الخطأ الطبي ليست مجرد إجراء قانوني بارد، بل هي عنوان للعدالة في وجه الإهمال الذي قد يسرق حياة، أو يُخلِّف ألمًا لا يزول. فحين تتحول أيدي الرحمة إلى أداة أذى بسبب تقصير أو تسرّع، يصبح من الضروري أن يتدخل القانون ليرسم حدود المسؤولية، ويعيد الاتزان إلى ميزان الحقوق. ليس الهدف من العقوبة هو الانتقام، بل ضمان عدم تكرار الخطأ، وصون كرامة الإنسان وحياته في مواقف لا تحتمل الهفوات.
وفي هذا السياق، تسلط مجموعة المحامي سعد الغضيان للمحاماة الضوء على الجوانب القانونية الدقيقة المتعلقة بمحاسبة الأطباء عند وقوع الخطأ الطبي، حيث توضح الأنظمة القضائية السعودية بكل دقة الفرق بين الخطأ العارض والإهمال الجسيم، والعقوبات التي قد تشمل الغرامة، الدية، أو حتى سحب الترخيص. ويظل التوازن بين حماية المرضى وصيانة المهنة أحد أصعب تحديات العدالة الطبية، لكن تبقى المحاسبة الرادعة أداة لا غنى عنها لضمان الثقة في المؤسسات الصحية.
أهم التفاصيل حول الخطأ الطبي 
يُعرّف الخطأ الطبي بأنه انحراف الممارس الصحي عن الأصول المهنية والقواعد العلمية المعتمدة في مجال الطب، سواء عن جهل أو إهمال أو تقصير، وهو ما يُفضي إلى إلحاق ضرر بالمريض، سواء كان الضرر بدنيًا أو نفسيًا أو حتى معنويًا. ويُعد كل خروج عن المعايير الطبية المقررة إخلالًا بواجبات المهنة، ويقع تحت طائلة المساءلة القانونية. ووفقًا لنظام مزاولة المهن الصحية في المملكة العربية السعودية، فإن الأفعال التالية تُعد من قبيل الأخطاء الطبية التي تستوجب المساءلة:
- ارتكاب خطأ في العلاج أو الإخلال بواجب المتابعة المستمرة لحالة المريض
- الجهل الفني بأمور يُفترض بمن هم في ذات التخصص الإلمام بها
- إجراء عمليات جراحية تجريبية غير مسبوقة دون الالتزام بالضوابط النظامية
- تنفيذ تجارب أو بحوث غير معتمدة على المرضى
- وصف أدوية بغرض التجربة أو الاختبار دون مبرر علمي
- استخدام أجهزة أو معدات طبية دون إتقان التعامل معها أو دون مراعاة وسائل الأمان الكفيلة بمنع الضرر
- الإهمال في الرقابة أو الإشراف على الحالات
- الامتناع عن استشارة مختصين رغم ضرورة حالتهم الصحية لذلك
- وتنص الأنظمة بوضوح على أن أي شرط يُعفي الممارس الصحي من المسؤولية القانونية يُعد باطلًا ولا يُعتد به.
وبناءً عليه، فإن ارتكاب أي من الأفعال السابقة يخول للمتضرر الحق في تحريك دعوى قانونية والمطالبة بجميع الحقوق النظامية المنصوص عليها، شريطة إثبات الواقعة بكافة وسائل الإثبات المعترف بها وفقًا لأحكام نظام الإثبات المعمول به في المملكة. للمزيد من المعلومات القانونية الدقيقة حول الأخطاء الطبية وحقوق المتضررين، يمكنكم الرجوع إلى الموقع الرئيسي لمجموعة المحامي سعد الغضيان للمحاماة، المرجع الموثوق في القضايا الصحية والقانونية. يقدّم الموقع استشارات متخصصة وإجابات وافية لكل من يسعى إلى فهم حقوقه القانونية في حال وقوع خطأ طبي.
أبرز تصنيفات الخطأ الطبي
تنقسم الأخطاء الطبية إلى أربع فئات رئيسية، يُعد كل منها إخلالًا جسيمًا بواجب الرعاية الطبية، ويترتب عليها مسؤولية قانونية في حال وقوع الضرر:
الإهمال الطبي: ويقصد به تقاعس الطبيب عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لعلاج المريض أو إنقاذ حياته، سواء بالتأخر في التدخل أو بعدم اتخاذ القرار الطبي الصحيح في الوقت المناسب.
الخطأ في التشخيص: ويحدث عندما يُخطئ الطبيب في تحديد طبيعة المرض أو شدته، مما يؤدي إلى منح المريض علاجًا غير ملائم، ويُضاعف من خطورة حالته الصحية.
الخلل في الإجراءات الجراحية: ويقع عندما يُجري الطبيب عملية جراحية بطريقة خاطئة، أو دون مراعاة الأصول الطبية المعتمدة، ما قد يتسبب في مضاعفات خطيرة أو يؤدي إلى وفاة المريض.
وصف علاج غير مناسب: ويشمل صرف أدوية أو علاجات لا تتناسب مع حالة المريض الصحية، أو تتعارض مع أمراض مزمنة لديه، مما يؤدي إلى نتائج سلبية وأضرار طبية جسيمة.
التمييز بين الخطأ الطبي والإهمال الطبي
يُقصد بالخطأ الطبي التصرف غير المقصود الذي يصدر عن أحد أفراد الفريق الطبي أثناء أداء مهامه، ويكون غالبًا ناتجًا عن سهو، أو ارتباك، أو نقص في المعرفة والخبرة، دون وجود نية مسبقة للإضرار بالمريض. وقد يقع هذا الخطأ في ظروف ضاغطة أو طارئة، لكنه لا يُعفي من المسؤولية إذا ترتب عليه ضرر.
أما الإهمال الطبي، فهو تقصير جسيم ينم عن تهاون أو لا مبالاة من قِبل الطبيب أو الطاقم المعالج، ويحدث عندما يُهمل الطبيب واجباته تجاه المريض، أو يفشل في اتخاذ التدابير الطبية الضرورية رغم معرفته بخطورة الحالة. ويُعد الإهمال دليلاً على غياب اليقظة المهنية والحرص الواجب، وقد يُشكّل أساسًا قويًا للمساءلة القانونية حال وقوع ضرر نتيجة له، سواء كان الإهمال ناتجًا عن ضعف الكفاءة أو غياب الالتزام المهني.
عقوبات الخطأ الطبي في النظام السعودي
ينص النظام السعودي لمزاولة المهن الصحية على مجموعة من العقوبات الرادعة التي تُفرض على الممارس الصحي في حال ارتكابه خطأً طبيًا، وذلك لضمان العدالة وحماية المرضى من الإهمال أو التقصير. وتنقسم هذه العقوبات إلى ثلاث فئات رئيسية:
العقوبة الجزائية تنص المادة (31) من نظام مزاولة المهن الصحية على أن الطبيب يُسأل جنائيًا عن الأخطاء الطبية التي يرتكبها، وتُفرض عليه عقوبة بالسجن لمدة لا تقل عن ستة أشهر، أو غرامة مالية لا تقل عن خمسين ألف ريال سعودي، أو بكلتا العقوبتين معًا، وذلك بحسب تقدير الهيئة الصحية الشرعية المختصة.
العقوبة المدنية في حال ثبوت الخطأ، يُلزم الممارس الصحي بدفع تعويض مالي أو دية للمريض أو ذويه، ويُترك تقدير مبلغ التعويض أو مقدار الدية للجنة المختصة وفقًا لظروف كل حالة.
العقوبة التأديبية وتُفرض بغرض الردع الإداري والمهني، وقد تشمل غرامة لا تتجاوز عشرة آلاف ريال سعودي، أو توجيه إنذار رسمي، أو إلغاء الترخيص المهني، أو حتى شطب اسم الطبيب من السجل العام للممارسين الصحيين في المملكة.
آليات إثبات الخطأ الطبي
إثبات وقوع الخطأ الطبي ليس أمرًا عشوائيًا، بل يتطلب اتباع منهج قانوني دقيق يستند إلى مجموعة من المعايير النظامية والعناصر الأساسية التي لا تكتمل الدعوى دون تحققها. ومن أبرز ما يجب توفره لإثبات الخطأ الطبي:
اثبات العلاقة بين الطبيب والمريض
أول ما يُشترط هو إثبات أن الطبيب أو المنشأة الصحية كانت مسؤولة عن تقديم الرعاية للمريض وقت وقوع الخطأ. ويتحقق ذلك من خلال وثائق رسمية مثل السجلات الطبية، العقود العلاجية، الفواتير، أو أي تعامل رسمي يثبت أن الرعاية الطبية قد تمت فعلاً بين الطرفين، سواء في منشأة حكومية أو خاصة.
تكييف الدعوى وفق النظام
بحسب نص المادة 27 من نظام مزاولة المهن الصحية، يجب أن تُكيف الدعوى بما يتماشى مع أحكام النظام، ويُحدد فيها الفعل المنسوب للممارس الصحي بوصفه خطأً طبيًا. ويجب أن تتضمن لائحة الدعوى بيانًا واضحًا بأن الطبيب لم يلتزم بالمعايير المهنية المطلوبة، وأنه لم يبذل العناية الطبية اللازمة، مما أدى إلى الإخلال بواجباته تجاه المريض.
وجود ضرر حقيقي مرتبط بالخطأ
الضرر هو ركن جوهري لا غنى عنه في دعاوى التعويض؛ إذ لا يمكن مساءلة الطبيب عن خطأ طبي إلا إذا نتج عنه ضرر مباشر للمريض. ويُشترط أن يكون هذا الضرر ناتجًا بشكل واضح عن الفعل أو التقصير الوارد في المادة 27، ويُثبت ذلك بتقارير طبية معتمدة، أو من خلال تقييم الحالة في جهة طبية أخرى، أو بإحالة الشكوى إلى إدارة الالتزام في وزارة الصحة للتحقيق والتأكد من جدية الادعاء.
وبناءً على ما سبق، فإن استيفاء هذه الشروط الثلاثة – العلاقة، والتكييف النظامي، والضرر المثبت – يمثل الركيزة الأساسية لإثبات الخطأ الطبي، ويمهّد الطريق أمام المتضرر لنيل حكم قضائي منصف تضمن له التعويض العادل عما لحق به من أذى نتيجة هذا الخطأ.
طريقة تقديم شكوى خطأ طبي 
في حال تعرّض أحد المرضى لخطأ طبي داخل المملكة العربية السعودية، يحق له قانونًا رفع دعوى تعويض أمام المحكمة المختصة. وتبدأ الإجراءات النظامية باتباع سلسلة من الخطوات الرسمية التي تضمن النظر العادل في الشكوى، وهي كالتالي:
تقديم الشكوى الأولية يُقدَّم البلاغ في البداية إلى الجهة الصحية المعنية، سواء كانت المنشأة الطبية التي وقع فيها الخطأ أو المديرية العامة للشؤون الصحية التابعة لها.
إحالة الشكوى إلى لجنة الخبراء تقوم الجهة المختصة بتحويل الشكوى إلى لجنة فنية متخصصة تتولى دراسة الحالة وتقييمها طبيًا، وتُصدر تقريرًا مفصلًا عن الوقائع والأضرار التي تعرّض لها المريض نتيجة الفعل الطبي محل الشكوى.
عرض التسوية الودية قبل اللجوء إلى القضاء، تُعرض محاولة لحل النزاع وديًا من خلال جلسة تسوية رسمية يحضر فيها الطرفان، ويتم الاستماع لوجهات النظر ومحاولة الوصول إلى حل يُرضي الطرفين.
الإحالة إلى القضاء المختص في حال فشل التسوية، تُحال القضية إلكترونيًا إلى المحكمة المختصة بالنظر في دعاوى الأخطاء الطبية. وتُستند المحكمة في نظرها إلى تقرير اللجنة الفنية، مع منح كل طرف فرصة تقديم أدلته ومرافعاته.
صدور الحكم القضائي إذا نجح المدّعي في إثبات وقوع الخطأ الطبي وثبوت العلاقة السببية بينه وبين الضرر، تصدر المحكمة حكمًا بالتعويض المناسب. أما إذا لم تُثبت أركان الدعوى، فتُرفض المطالبة لعدم كفاية الدليل.
مدة تقادم دعوى التعويض عن الخطأ الطبي في النظام السعودي
حدد النظام السعودي مدة زمنية واضحة لسماع دعاوى التعويض الناشئة عن الأخطاء الطبية، وذلك وفقًا لما ورد في نظام المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/191) وتاريخ 29/11/1444هـ، حيث نص النظام على ما يلي:
” لا تُسمع دعوى التعويض الناشئة عن الفعل الضار بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ علم المتضرر بوقوع الضرر والمسؤول عنه. وفي جميع الأحوال لا تُسمع الدعوى بانقضاء عشر سنوات من تاريخ وقوع الضرر.”
وبذلك، يُفهم من النص أن دعوى التعويض عن الخطأ الطبي تسقط بالتقادم بعد مرور ثلاث سنوات من تاريخ علم المريض أو ذويه بالضرر ومن تسبب فيه، أو بعد عشر سنوات من تاريخ وقوع الخطأ نفسه – أيًّا كان وقت العلم به – أيهما أقرب.
تقدير التعويض في قضايا الخطأ الطبي
لا ينص النظام السعودي على مبلغ ثابت أو محدد لتعويض الخطأ الطبي، بل يُترك تقدير التعويض للهيئة الصحية الشرعية، وهي الجهة القضائية المختصة بالنظر في دعاوى الأخطاء الطبية والفصل فيها. وتقوم هذه الهيئة بتقدير قيمة التعويض استنادًا إلى طبيعة الخطأ المرتكب، ومدى جسامته، وحجم الضرر الذي ألحقه بالمريض سواء كان ماديًا أو معنويًا.
ويشمل التعويض في قضايا الأخطاء الطبية – في الغالب – كافة النفقات العلاجية التي تكبّدها المتضرر، بما في ذلك تكاليف العمليات، الأدوية، الإقامة في المستشفى، إضافة إلى التعويض عن فقدان القدرة على العمل أو الأثر النفسي والمعنوي الناتج عن الخطأ. ولهذا، فإن قيمة التعويض قد تتفاوت تفاوتًا كبيرًا، إذ قد تبدأ من آلاف الريالات وقد تصل إلى ملايين الريالات، وفقًا لخطورة الحالة ودرجة الضرر المثبت.
دعوى التعويض عن الخطأ الطبي
تُعد الأخطاء الطبية من القضايا الحساسة التي قد تترتب عليها أضرار بالغة تمس حياة الإنسان، سواء ماديًا أو نفسيًا أو جسديًا. وقد تنتج هذه الأخطاء عن إهمال من الطبيب أو عن تقصير في تقديم الرعاية الطبية الواجبة. وفي بعض الحالات، تصل نتائج الخطأ إلى فقدان حياة المريض أو تعرضه لإصابات دائمة، ما يستوجب وعيًا قانونيًا كافيًا لدى المريض لرفع دعوى تعويض عن الخطأ الطبي لضمان حقوقه ومحاسبة المتسبب. عند ارتكاب الطبيب لخطأ طبي، فإنه يُعرض للمساءلة القانونية بمختلف صورها، على النحو التالي:
المساءلة المدنية تُخوّل للمريض المتضرر الحق في المطالبة بتعويض مالي نتيجة ما لحقه من أذى جسدي أو معنوي، سواء كان الضرر فقد عضو، أو أثرًا نفسيًا دائمًا. وقد نصّت المادة (27) من نظام مزاولة المهن الصحية على وجوب تعويض المريض عند تحقق الخطأ الطبي وثبوت الضرر.
المساءلة الجنائية تُعنى بالحق العام، وتُقام عبر دعوى جنائية تُطالب بفرض العقوبات المنصوص عليها على الطبيب المخطئ، خاصة إذا كان الخطأ مؤثرًا على السلامة العامة أو قد تسبب في وفاة أو ضرر جسيم. وتنص المادة (28) على مساءلة الممارس الصحي جنائيًا عند ارتكاب فعل مجرّم نظامًا.
المساءلة التأديبية وهي إجراءات داخلية تهدف إلى حماية المهنة ومنع تكرار المخالفات الطبية، وتشمل إنذارات أو إيقاف عن العمل أو سحب الترخيص، وفق ما جاء في المادة (32) من نظام مزاولة المهن الصحية، والتي تحدد العقوبات التأديبية بحق المخالفين.
صور الإهمال الطبي المخالفة للأنظمة في السعودية
يُعد الإهمال الطبي أحد أخطر أشكال التقصير المهني، حيث يؤدي إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمريض قد تصل إلى الوفاة أو الإعاقة الدائمة. وتتنوع صور الإهمال الطبي التي تُعد مخالفة صريحة للأنظمة المعمول بها في المملكة، ومن أبرزها:
- تقاعس الطبيب عن علاج المريض أو متابعته بالشكل المطلوب.
- الجهل بالعلاج المناسب للحالة الطبية.
- صرف علاج للمريض بغرض التجربة دون مبرر علمي.
- إجراء عمليات لم يُسبق للطبيب القيام بها، دون إشراف أو ترخيص.
- استخدام المريض كحالة بحثية لإجراء دراسات غير معتمدة.
- تشغيل أجهزة أو أدوات طبية دون المعرفة الكافية بطريقة استخدامها.
- غياب الرقابة أو الإشراف الطبي المستمر على الحالة.
كم مبلغ تعويض الخطأ الطبي ؟
تختلف مبالغ التعويض في قضايا الخطأ الطبي في المملكة العربية السعودية بحسب نوع الخطأ ومدى الضرر الناتج عنه. وتقوم الهيئة الصحية الشرعية بتقدير التعويض المناسب لكل حالة بعد دراسة تقارير طبية وقانونية دقيقة. ومن أبرز الحالات التي ينظمها النظام ما يلي:
مزاولة المهنة دون ترخيص:
تنص المادة (28) من نظام مزاولة المهن الصحية على أن من يزاول المهنة دون ترخيص يُعاقب بغرامة مالية تصل إلى 100 ألف ريال سعودي، أو بالسجن لمدة ستة أشهر، أو بالعقوبتين معًا، بحسب ما تراه الجهة القضائية المختصة.
فقدان حاسة بشكل دائم:
في حال أدى الخطأ الطبي إلى فقدان دائم لإحدى الحواس أو أحد الأعضاء، قد يُمنح المتضرر تعويضًا ماليًا قد يصل إلى 300 ألف ريال سعودي، ويُحدد ذلك بناءً على حجم الضرر وتقدير الجهات المختصة.
الوفاة الناتجة عن خطأ طبي (الدية):
إذا أسفر الخطأ الطبي عن وفاة المريض، يُلزم الطبيب أو المنشأة بدفع الدية الشرعية، والتي تُقدّر في العادة بمبلغ 300 ألف ريال سعودي، وقد تُرفع إلى 400 ألف ريال خلال مواسم الحج والأشهر الحُرُم، تقديرًا لحرمة النفس في تلك الفترات.
الأثر النفسي للأخطاء الطبية على الأطباء
رغم أن الطبيب هو المسؤول الأول عن تطبيق المعايير الطبية بدقة، إلا أن وقوعه في خطأ طبي يُعد تجربة مؤلمة قد تترك أثرًا نفسيًا عميقًا. فالكثير من الأطباء يعانون من مشاعر الذنب والعار عقب الخطأ، وقد تتفاقم هذه المشاعر لتصل إلى الحزن الشديد أو حتى الاكتئاب، خصوصًا في ظل غياب الدعم النفسي والمهني المناسب. ومن هنا تبرز أهمية التعامل الواعي والإنساني مع الأخطاء الطبية عند مناقشتها داخل الأوساط المهنية، من المبادئ التي يُنصح باتباعها للتخفيف من آثار الأخطاء الطبية على الأطباء:
- توفير قنوات مهنية للحصول على المشورة والدعم النفسي بسهولة ودون تعقيد.
- تعزيز ثقافة التعلم من الخطأ بدلًا من العقاب الفوري، بما يُمكّن الطبيب من تطوير أدائه دون خوف دائم من اللوم.
- فتح مساحة آمنة لمناقشة الأخطاء مع الزملاء دون حرج أو وصمة، مما يُسهم في بناء بيئة مهنية صحية.
- تقديم الدعم للطبيب بعد ارتكابه الخطأ، مع تجنّب توجيه اللوم الفردي بطريقة قاسية قد تؤدي إلى تدمير معنوياته.
فالطبيب، وإن كان مسؤولًا، يبقى إنسانًا، ومنحُه بيئة داعمة لا يتناقض مع المساءلة، بل يخلق منظومة صحية أكثر وعيًا وإنصافًا.
الأسئلة الشائعة
هل يحق للمريض الحصول على تعويض في حال وقوع خطأ طبي؟
نعم، فقد نصت المادة (27) من نظام مزاولة المهن الصحية على وجوب تعويض المريض عن الضرر الناتج عن أي خطأ طبي يرتكبه ممارس صحي.
ما قيمة التعويض المالي عن الأخطاء الطبية في السعودية؟
لا يوجد مبلغ تعويض موحّد، إذ يختلف التقدير من حالة لأخرى، وتُحدده الجهة القضائية المختصة بناءً على جسامة الخطأ وحجم الضرر الذي لحق بالمريض.
هل تُفرض رسوم قضائية على دعاوى الخطأ الطبي؟
نعم، تخضع دعاوى الأخطاء الطبية لنظام التكاليف القضائية المعمول به، وتُفرض رسوم معينة بحسب نوع الدعوى وإجراءات التقاضي.
هل تتم محاسبة الطبيب قانونيًا على الخطأ الطبي؟
بالتأكيد، يُحاسب الطبيب على أي خطأ طبي يترتب عليه ضرر للمريض، وتُعد هذه المحاسبة إجراءً رادعًا لضمان الالتزام المهني وحماية حقوق المرضى.
كيف يمكن تقديم شكوى ضد مستشفى خاص بسبب خطأ طبي؟
يتم رفع الشكوى إلكترونيًا عبر الموقع الرسمي لوزارة الصحة في المملكة العربية السعودية، من خلال نموذج مخصص لتقديم البلاغات الطبية ضد المؤسسات الصحية الخاصة.
ما مدى مسؤولية الطبيب عن الخطأ الطبي في النظام السعودي؟
يُعد الطبيب مسؤولًا نظاميًا عن أي خطأ طبي يرتكبه إذا ثبت تقصيره أو إهماله في أداء واجباته المهنية، ويشمل ذلك التشخيص الخاطئ، أو صرف علاج غير مناسب، أو إجراء تدخل طبي دون موافقة، أو مخالفة المعايير الطبية المتعارف عليها. وتُحدد الهيئة الصحية الشرعية هذه المسؤولية بعد مراجعة التقارير الطبية وسماع أقوال الأطراف المعنية، وقد يترتب على ذلك تعويض مالي للمريض أو ورثته، بالإضافة إلى عقوبات تأديبية أو جنائية حسب جسامة الخطأ.
في النهاية، تبقى عقوبة الخطأ الطبي ضرورة لا يمكن تجاهلها في أي منظومة صحية تحترم الإنسان وتسعى للحفاظ على حياته وكرامته. فالمساءلة القانونية ليست عائقًا أمام العمل الطبي، بل درعًا واقيًا للمريض والطبيب على حد سواء، تضمن أن يبقى الطب مهنة شريفة محكومة بالعلم والضمير، لا بالعشوائية أو المجازفة. ومن خلال التوعية القانونية التي تقدمها مجموعة المحامي سعد الغضيان للمحاماة، تتضح ملامح العدالة الطبية، ويتعزز وعي المجتمع بحقوقه وواجباته في هذا المجال الحساس.