رفض الاعتراض على الحكم ليس مجرد إجراء قانوني روتيني، بل هو قرار قضائي له تأثير بالغ في مسار القضية، قد يغلق باب المرافعة نهائيًا ويثبت الحكم كأنه باتّ لا رجعة فيه، ما يجعل فهم أسبابه وأبعاده أمرًا لا يحتمل التهاون أو الجهل. فحين يُرفض الاعتراض، تُصبح الخيارات أمام الطرف المعترض محدودة جدًا، مما يوجب التعامل مع هذا النوع من القرارات بحذر قانوني ووعي كامل بالإجراءات.
ومن خلال الموقع الرئيسي مجموعة المحامي سعد الغضيان للمحاماة، نسلط الضوء على هذه الجزئية الدقيقة من النظام القضائي السعودي، موضحين الأسباب المحتملة لرفض الاعتراض، والحالات التي يمكن فيها إعادة فتح الملف قانونيًا، لنمنح القارئ صورة متكاملة عن حقوقه وخياراته بعد صدور هذا النوع من القرارات.
ماذا بعد حكم الاستئناف
يُعد الطعن على حكم محكمة الاستئناف إجراءً قانونيًا متاحًا في النظام القضائي السعودي، ولكنه يختلف جوهريًا عن الاستئناف ذاته، إذ يتم تقديمه إلى المحكمة العليا، والتي لا تُعد درجة تقاضٍ ثالثة ولا تملك صلاحية إ عادة النظر في وقائع القضية أو إصدار حكم بديل.
وظيفة المحكمة العليا تنحصر في مراجعة مدى صحة تطبيق الحكم الصادر للأنظمة المعمول بها في المملكة ومدى التزامه بأحكام الشريعة الإسلامية، دون الخوض في تفاصيل الدعوى مجددًا. وبذلك، فإن هذا الطعن يُعد رقابة قانونية عليا وليس استئنافًا ثانيًا أو امتدادًا للإجراء السابق، بل هو وسيلة لضمان عدالة الحكم من حيث التكييف القانوني والتفسير النظامي السليم.
أهم الأسباب النظامية للاعتراض على الأحكام القضائية في السعودية
يُعد الاعتراض على الحكم القضائي خطوة قانونية محورية يحق لأي من طرفي الدعوى – سواء المدعي أو المدعى عليه – اللجوء إليها إذا لم يكن راضيًا عن مضمون الحكم الصادر. وتتنوع وسائل الاعتراض وفقًا للنظام، وتشمل: الاستئناف، الطعن بالتدقيق، النقض، والتماس إعادة النظر، بحسب طبيعة الحكم وظروف القضية.
ومن أبرز الأسباب التي تُبرر الاعتراض على الحكم القضائي ما يلي:
- مخالفة الحكم لأحكام الشريعة الإسلامية أو للأنظمة والتشريعات الصادرة عن ولي الأمر.
- صدور الحكم عن محكمة غير مشكلة تشكيلًا نظاميًا أو غير مؤهلة للفصل في النزاع قانونًا.
- نظر الدعوى من قبل جهة قضائية غير مختصة نوعيًا أو مكانيًا وفقًا لما يقرره النظام.
- وجود خطأ في التكييف القانوني للوقائع أو في توصيفها بما لا يعكس حقيقتها.
- الاستناد إلى أدلة مزورة أو شهود غير موثوقين، بما يُخل بسلامة الحكم ويؤثر في النتيجة القضائية.
وفي حال كنت بحاجة إلى دعم قانوني متخصص لتقديم اعتراض فعّال على حكم صادر، فإن الموقع الرئيسي لمجموعة المحامي سعد الغضيان للمحاماة يوفر لك نخبة من المحامين ذوي الكفاءة والخبرة، لمرافقتك في كل خطوة قانونية تضمن لك الوصول إلى أفضل النتائج الممكنة ضمن الأطر النظامية.
أهم أسباب رفض الاعتراض على الحكم القضائي في السعودية
يُرفض الاعتراض على الحكم من قبل المحكمة المختصة في حال توافر أحد الأسباب النظامية التالية:
- تقديم الاعتراض خارج المدة النظامية إذا لم يُقدَّم الاعتراض خلال المهلة المحددة قانونًا (30 يومًا للأحكام العامة، و10 أيام للمستعجلة)، يتم رفضه شكلاً دون النظر في موضوعه.
- انتفاء المصلحة النظامية للطاعن لا يُقبل الاعتراض إذا لم يكن للمعترض مصلحة قانونية مباشرة أو محتملة تتأثر بالحكم المطعون فيه.
- عدم توافر الصفة القانونية للطاعن يجب أن يكون الطاعن طرفًا في الخصومة الأصلية، أو ذا صفة تخوّله الاعتراض قانونًا؛ وإلا يُرفض الطعن.
- قبول الحكم من قِبل الطاعن صراحة أو ضمنًا إذا ثبت أن الطاعن قد قبِل بالحكم صراحة (كتابةً أو تصريحًا)، أو ضمنًا (من خلال تنفيذ الحكم أو عدم الاعتراض خلال المدة)، يُرفض الطعن.
- تقديم اعتراض ناقص أو مخالف للشروط الشكلية كأن تكون لائحة الاعتراض غير مستوفية للبيانات الأساسية، أو خالية من الأسباب النظامية، أو غير موقعة من المعترض أو وكيله، مما يؤدي إلى رفضها شكلاً.
- الطعن على حكم غير قابل للاعتراض إذا كان الحكم المطعون فيه صادرًا في قضية من القضايا اليسيرة أو كان نهائيًا وغير قابل للاستئناف، يتم رفض الاعتراض مباشرة.
- تكرار الاعتراض دون مبرر جديد يُرفض الاعتراض إذا سبق الفصل فيه وأُعيد تقديمه دون وجود أسباب جديدة أو أدلة لم تُعرض سابقًا.
تعرف على الأحكام غير القابلة للاستئناف في النظام القضائي السعودي
هناك أنواع محددة من الأحكام القضائية لا يجوز استئنافها وفقًا لما ينص عليه النظام القضائي في المملكة العربية السعودية، وتشمل ما يلي:
- الأحكام الصادرة في الدعاوى اليسيرة التي يحددها المجلس الأعلى للقضاء، وهي قضايا يُرى أن طبيعتها لا تستوجب الاستئناف توفيرًا للوقت والجهد القضائي.
- الأحكام التمهيدية أو الإجرائية التي تُصدرها المحكمة قبل الفصل في أصل النزاع، والتي لا تُنهي الخصومة كليًا أو جزئيًا.
ويُلاحظ أن هذه الأحكام لا يمكن الاعتراض عليها منفردة، وإنما يُسمح باستئنافها فقط ضمن الاعتراض على الحكم النهائي الصادر في موضوع الدعوى.
ما المقصود بتصديق الحكم من محكمة الاستئناف؟
تصديق الحكم من محكمة الاستئناف يعني أن المحكمة، بعد مراجعة شاملة لملف القضية، والاطلاع على لائحة الاستئناف المقدمة من المعترض، قد رأت أن الحكم الصادر عن محكمة الدرجة الأولى جاء متوافقًا مع القواعد القانونية، ومستوفيًا لكافة الشروط النظامية، كما أنه راعى حقوق جميع الأطراف دون إخلال.
وبناءً على ذلك، قررت محكمة الاستئناف تأييد الحكم الابتدائي ورفض تعديله، مما يعني أن المعترض قد استنفد فرصته في تغيير الحكم عبر الاستئناف، ولم تنجح دفوعه في إقناع المحكمة بوجود خلل يوجب إلغاء الحكم أو تعديله.
الشروط النظامية للطعن في الأحكام عبر الاستئناف في السعودية
لكي يُقبل الطعن على الحكم عن طريق الاستئناف في النظام القضائي السعودي، لا بد من توافر مجموعة من الشروط الأساسية، وهي:
- أن يكون للطاعن (المدعي) مصلحة حقيقية ومباشرة في الطعن على الحكم.
- أن تتوفر الصفة القانونية للطاعن والمطعون ضده، أي أن يكون كل منهما طرفًا ذا علاقة مباشرة في الدعوى.
- ألا يكون الطاعن قد قبِل الحكم بشكل صريح أو ضمني، سواء بالفعل أو بالامتناع عن الطعن ضمن المهلة.
- أن يتم تقديم الاستئناف خلال المهلة النظامية المحددة، دون تجاوزها.
- أن يكون الحكم المطعون فيه صادرًا من محكمة درجة أولى وقابلاً للاستئناف حسب ما ينص عليه النظام.
الشروط الشكلية لقبول الاستئناف والأسباب النظامية لرفضه
لا يُقبل الاستئناف في النظام القضائي السعودي إلا إذا استوفى مجموعة من الشروط الشكلية التي تُعد أساسًا قانونيًا للنظر في الطعن. ورغم أن معظم القضايا يُمكن استئنافها، فإن هناك استثناءات تتعلق ببعض القضايا اليسيرة كجزء من القضايا العمالية ونحوها. وتشمل شروط قبول الاستئناف شكلاً ما يلي:
تقديم لائحة الاعتراض خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدور الحكم الابتدائي.
أن تتضمن مذكرة الاعتراض جميع المتطلبات الشكلية، مثل توقيع مقدمها على كافة الصفحات، ورفعها إلى الدائرة القضائية التي أصدرت الحكم، مع تضمين: بيانات أطراف الدعوى تفاصيل الحكم المعترض عليه نص الدعوى عرض الأسباب محل الاعتراض صياغة واضحة للطلبات القانونية
أما أسباب رفض الاستئناف شكلاً فتتمثل في الآتي:
- انعدام المصلحة للطاعن في تقديم الاستئناف.
- تجاوز المدة النظامية المحددة للطعن.
- عدم توافر الصفة القانونية للطاعن أو للمطعون ضده.
- قبول الحكم صراحة أو ضمنًا من قِبل الطاعن.
- أن يكون الحكم المطعون فيه غير صادر من محكمة درجة أولى، أو من الأحكام غير القابلة للاستئناف.
أسباب رفض الاستئناف موضوعًا
ترفض المحكمة الاستئناف موضوعًا إذا رأت أن الحكم الابتدائي قد صدر سليمًا ومستندًا إلى أسباب قانونية صحيحة، وأن دفوع الطاعن لا تتضمن جديدًا يؤثر في النتيجة. ويحدث ذلك عندما تكون أوجه الاعتراض ضعيفة أو غير مدعومة بأدلة جوهرية.
كما يُرفض موضوعًا إذا لم يثبت للمحكمة وجود مخالفة للنظام أو خطأ في تطبيق القانون أو تقدير الوقائع، فيتم تأييد الحكم لسلامته، مع الرد على كافة دفوع المعترض وتفنيدها قانونيًا في منطوق الحكم الاستئنافي.
متى يبدأ احتساب ميعاد الاستئناف وفقًا للنظام السعودي؟
يُحدَّد ميعاد تقديم الاستئناف في معظم القضايا بـ ثلاثين يومًا، تبدأ من اليوم التالي لتاريخ صدور صك الحكم أو من اليوم التالي للموعد المقرر لتسليم صورة صك الحكم، وذلك حسب ما ورد في المادة السابعة من اللائحة التنفيذية.
وفي حال كان المحكوم عليه موقوفًا أو سجينًا، تلتزم الجهة المسؤولة عنه بإحضاره إلى المحكمة لتسلُّم نسخة الحكم خلال المدة المحددة، وكذلك لتمكينه من تقديم الاعتراض في الإطار الزمني القانوني.
أما إذا كان الحكم الصادر يتعلق بحدود شرعية جسيمة مثل القتل أو الرجم أو القطع أو القصاص في النفس أو فيما دونها، فإن النظام يوجب رفع الحكم تلقائيًا إلى محكمة الاستئناف لتدقيقه، حتى وإن لم يتقدَّم أي من الخصوم بطلب الاستئناف.
الاختصاصات القضائية لمحاكم الاستئناف
تُعد محاكم الاستئناف جهة قضائية عليا تختص بمراجعة الأحكام الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى متى كانت هذه الأحكام قابلة للاستئناف. وتقوم المحكمة بسماع أقوال الخصوم والفصل في النزاع وفقًا لما ورد في نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية، بما تضمن تحقيق العدالة وتطبيق النظام بدقة.
كما تختص محاكم الاستئناف أيضًا بـ النظر في طلبات التماس إعادة النظر في الأحكام الصادرة عنها في الحالات التالية:
- إذا ثبت أن الحكم بُنِيَ على وثائق مزيّفة أو شهادات زُوِّرت، وأقرت بذلك جهة مختصة بعد صدور الحكم.
- إذا تمكَّن الملتمس من الحصول على مستندات جوهرية في الدعوى تعذر عليه تقديمها قبل النطق بالحكم.
- إذا ثبت وقوع غش مؤثر من أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى.
- إذا قضى الحكم بشيء لم يُطلب من الخصوم، أو حكم بما يزيد على طلباتهم.
- إذا كان منطوق الحكم متناقضًا في أجزائه.
- إذا صدر الحكم غيابيًا دون حضور المحكوم عليه.
- إذا تبيّن أن الحكم صدر على شخص لم يكن ممثلًا تمثيلًا صحيحًا في الدعوى.
يحق أيضًا لأي شخص يُعد الحكم حجة عليه ولم يكن طرفًا في الدعوى أو لم يتدخل فيها، أن يتقدم بالتماس إعادة النظر في الحكم النهائي.
نموذج لائحة اعتراض قانونية على حكم قضائي صادر في السعودية
تُعد لائحة الاعتراض على الحكم القضائي في المملكة العربية السعودية وثيقة رسمية يُقدمها المحكوم عليه للطعن على الحكم الصادر ضده، باستخدام أحد الطرق النظامية مثل الاستئناف أو التدقيق أو النقض، وذلك ضمن المهلة المحددة بموجب النظام القضائي.
ويُشترط لصحة اللائحة أن تتضمن بيانات دقيقة وأساسية، تشمل: معلومات الأطراف، رقم وتاريخ الحكم، موضوع الدعوى، أسباب الاعتراض، والطلبات بشكل واضح.
وفي حال كان الحكم نهائيًا وغير قابل للطعن بطرق الاعتراض العادية، فإنه يجوز تقديم التمـاس إعادة النظر، شريطة أن تتوافر إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة (200) من نظام المرافعات الشرعية.
وبحسب المادة (177) من النظام ذاته، يحق فقط للمحكوم عليه تقديم الاعتراض، ولا يجوز للمحكوم له الاعتراض إلا إذا صدر الحكم جزئيًا ولم يستجب لجميع طلباته.
وفيما يلي نموذج لائحة اعتراض على حكم قضائي:
إلى سعادة رئيس وأعضاء محكمة الاستئناف بمدينة جدة المحترمين،
المعترض (المستأنف): السيد/ ………
عنوانه: ………
يمثله: المحامي/ ………
المعترض ضده (المستأنف ضده): السيد/ ………
عنوانه: ………
موضوع الاعتراض:
اعتراض (استئناف/تدقيق) على الحكم رقم (………) الصادر بتاريخ (…./…./….) في الدعوى رقم (………) المقيدة بتاريخ (…./…./….), والمتضمن الحكم على موكلي بـ: (بيان الحكم).
وقائع الاعتراض:
أقام المستأنف ضده دعوى أمام محكمة الدرجة الأولى بتاريخ (…./…./…)، موضوعها: (بيان موضوع الدعوى)، وقدم خلالها مستندات لا ترقى إلى مستوى الإثبات الكافي، في حين أن موكلي قدّم دفوعًا جوهرية تُثبت براءته من الادعاءات الموجهة ضده.
ورغم ذلك، أصدرت المحكمة حكمها لصالح المستأنف ضده.
وحيث إن الحكم محل الاعتراض جاء مخالفًا لأحكام الأنظمة القضائية النافذة، ومجافيًا لقواعد الاختصاص والإجراءات المقررة في نظام المرافعات الشرعية، فإننا نلتمس من مقامكم ما يلي:
الطلبات:
قبول الاستئناف شكلاً لتقديمه ضمن المدة النظامية.
قبول الاستئناف موضوعًا، ونقض الحكم الصادر، وإصدار حكم جديد ببراءة موكلي.
إلزام المستأنف ضده بكافة النفقات والمصاريف القضائية وأتعاب المحاماة.
وتفضلوا بقبول فائق التقدير والاحترام،
حرر في مدينة جدة بتاريخ: …./…./….
المحامي الوكيل: ……….
المتطلبات الأساسية لصحة لائحة الاعتراض على الأحكام القضائية
عند تقديم لائحة الاعتراض على حكم قضائي – سواء كانت بطريق الاستئناف، أو التدقيق، أو النقض، أو التماس إعادة النظر – لا بد من تضمينها مجموعة من البيانات الجوهرية التي تُعد شرطًا أساسيًا لقبول اللائحة من قبل المحكمة المختصة. إذ تُرفض أي لائحة اعتراض تفتقر إلى هذه العناصر أو تتضمن بيانات ناقصة أو غير دقيقة.
وتشمل العناصر الأساسية الواجب تضمينها في لائحة الاعتراض ما يلي:
- اسم المحكمة المختصة الموجه إليها الاعتراض، بما يتوافق مع قواعد الاختصاص المكاني والنوعي والقيمي المنصوص عليها في الأنظمة القضائية.
- البيانات التفصيلية للمعترض، وكذلك بيانات المعترض ضده، متضمنة الاسم الكامل، العنوان، وصف الصفات القانونية، وأي معلومات تعريفية أخرى لازمة.
- تفاصيل الحكم محل الاعتراض، والتي تشمل: رقم وتاريخ الحكم، رقم الدعوى التي صدر فيها، ملخص موضوع الحكم، وأبرز ما ورد فيه من منطوق أو أسباب.
- سرد دقيق لوقائع الاعتراض، يتضمن شرحًا منهجيًا لكيفية صدور الحكم، وبيان أوجه الخطأ أو التجاوز النظامي، والأسباب القانونية التي يستند إليها الاعتراض.
- الطلبات النظامية للمعترض، والتي يجب أن تُصاغ بوضوح، مثل: نقض الحكم كليًا أو جزئيًا، وطلب إصدار حكم بديل وفقًا لما يقرره النظام.
- توقيع المعترض أو وكيله القانوني على كافة صفحات اللائحة، مع بيان تاريخ تحريرها وتاريخ إيداعها رسميًا لدى المحكمة المختصة.
ما الإجراءات المتبعة بعد تقديم الاعتراض على الحكم القضائي؟
عقب تقديم لائحة الاعتراض على الحكم، تتولى المحكمة المختصة مراجعة القضية من جديد استنادًا إلى الأسباب النظامية المبينة في الاعتراض.
وفي حال كان الاعتراض بطريق الاستئناف أو النقض، يتم إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف أو المحكمة العليا بحسب نوع الحكم ودرجته.
تقوم الجهة القضائية المختصة بفحص الدعوى بدقة، وبحث مدى صحة الإجراءات والأسانيد القانونية الواردة في الاعتراض.
فإذا تبين وجود مخالفات نظامية أو خلل في الحكم الابتدائي، يجوز للمحكمة أن تقرر إلغاء الحكم كليًا أو تعديله بما يتماشى مع ما ورد في الاعتراض. أما في حال رفض الاعتراض، فيُعتبر الحكم الصادر نهائيًا ونافذًا، ويُستمر في تنفيذه دون أي تعديل.
المدد النظامية للاعتراض على الأحكام القضائية في السعودية
- بحسب ما ورد في المادة (187) من نظام المرافعات الشرعية السعودي، فإن مدة الاعتراض على الأحكام القضائية بطريق الاستئناف أو التدقيق هي ثلاثون يومًا تبدأ من تاريخ صدور الحكم النهائي.
أما في القضايا المستعجلة، فتُختصر المهلة النظامية إلى عشرة أيام فقط، وذلك نظرًا لطبيعتها العاجلة. - وفيما يخص الطعن بطريق النقض، فتُحدَّد المهلة بـ ثلاثين يومًا من تاريخ صدور الحكم النهائي، وتُقلَّص إلى خمسة عشر يومًا في المسائل المستعجلة، وذلك وفقًا للمادة (194) من النظام نفسه.
- أما فيما يتعلق بطلب إعادة النظر في الأحكام النهائية، فيُسمح به فقط عند توافر أسباب نظامية منصوص عليها في المادة (200)، مثل:
- ظهور أدلة أو مستندات جديدة لم تكن متوفرة أثناء المحاكمة،
- أو ثبوت وقوع غش أو تزوير كان له أثر مباشر على نتيجة الحكم.
ما هي الأحكام القضائية القابلة للاستئناف في النظام السعودي؟
تُعد الأحكام الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى قابلة للاستئناف في عدة حالات حددها النظام القضائي السعودي، وذلك بهدف منح الخصوم فرصة لمراجعة الأحكام وضمان تحقيق العدالة. وتشمل الأحكام القابلة للاستئناف ما يلي:
- الأحكام القطعية: وهي الأحكام النهائية التي تفصل في موضوع الدعوى بشكل كامل، وتُنهي النزاع بين الأطراف.
- الأحكام التمهيدية السابقة على الحكم في الموضوع: مثل الأحكام الصادرة بـوقف السير في الدعوى، والأوامر الوقتية والمستعجلة التي تُصدر أثناء نظر القضية.
- الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري: وهي الأحكام التي يجوز تنفيذها فورًا دون الحاجة لإجراءات إضافية.
- أحكام عدم الاختصاص: وهي الأحكام التي تُقرر عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى موضوعًا أو نوعًا أو مكانًا.
ومن المهم الإشارة إلى أن الاعتراض على الأحكام الوقتية والمستعجلة، وكذلك على الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، لا يترتب عليه وقف تنفيذ الحكم، مما يُسهم في سرعة الفصل في المسائل العاجلة وضمان حماية الحقوق دون تأخير.
من يملك الحق في الطعن بالاستئناف وفقًا للنظام القضائي السعودي؟
يقتصر الحق في الطعن بالاستئناف – في الدعاوى الحقوقية، التجارية، العمالية، وقضايا الأحوال الشخصية – على من صدر الحكم ضده، أو من لم تُلبَّ له كافة طلباته، ما لم ينص النظام صراحةً على خلاف ذلك.
أما في الدعاوى الجزائية، فيحق تقديم طلب الاستئناف لكل من:
المدعي العام،
المحكوم عليه،
المدعي بالحق الخاص، وذلك بشرط وجود أسباب نظامية معتبرة تبرر طلب الاستئناف.
ولقبول الاستئناف نظامًا، لا بد من تحقق عدة شروط أساسية، تشمل:
توافر مصلحة حقيقية للطاعن.
أن يكون لكل من الطاعن والمطعون ضده الصفة القانونية.
ألا يكون الطاعن قد قبِل الحكم صراحة أو ضمنًا.
تقديم الاستئناف خلال المدة النظامية المقررة.
أن يكون الحكم المطعون فيه صادرًا عن محكمة درجة أولى وقابلًا للاستئناف وفق النظام.
تختلف مدة الاعتراض بحسب نوع الحكم:
30 يومًا للأحكام العامة،
و10 أيام للأحكام المستعجلة. وفي حال انقضاء المدة دون تقديم الاعتراض، يسقط الحق في الطعن، وتقوم المحكمة بتوثيق ذلك في ضبط القضية، مع تدوين عبارة “اكتسب الحكم القطعية“ على الصك وسجله الرسمي.
وفي بعض الحالات، تُرفع الأحكام تلقائيًا إلى محكمة الاستئناف لتدقيقها دون الحاجة لاعتراض، وذلك إذا كان المحكوم عليه:
ناظر وقف، وصيًا، وليًا، ممثلًا لجهة حكومية، أو غائبًا تعذّر تبليغه. ويتم ذلك بغض النظر عن موضوع الحكم.
لكن هناك استثناءات لا يشملها هذا الإجراء، ومنها: الأحكام الصادرة عن الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين إذا كانت تنفيذًا لحكم نهائي سابق، والأحكام المتعلقة بمبالغ مالية أودعها أشخاص لصالح آخرين، ما لم يعترض المودع أو من يمثله على الحكم.
رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف
عندما تقوم محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، فإنها تُقرّ بصحة الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى من حيث الوقائع والتكييف القانوني، وترى أنه لا يوجد سبب يستدعي نقضه أو تعديله. ويكون ذلك بعد مراجعة شاملة للائحة الاعتراض، والأسانيد المقدمة، وكافة أوراق الدعوى.
ويُعتبر تأييد الحكم من محكمة الاستئناف تثبيتًا قضائيًا لنتائج الحكم الابتدائي، ويترتب عليه أن يصبح الحكم واجب النفاذ إذا لم يتقدَّم الطاعن بأي وسيلة طعن أعلى مثل النقض أو التماس إعادة النظر، وفقًا للشروط المحددة نظامًا.
ماذا بعد رفض الاستئناف؟
في حال رفض الاستئناف، يصبح الحكم الابتدائي مؤيدًا ويُعد نهائيًا وملزمًا، ما لم يكن من الأحكام القابلة للنقض أمام المحكمة العليا. ويعني ذلك أن الخيارات المتاحة أمام المحكوم عليه تصبح محدودة، وتنتقل القضية إلى مرحلة التنفيذ ما لم يُقدَّم طعن آخر مشروع.
ومع ذلك، في حالات معينة، يمكن للطاعن أن يسلك طريق الطعن غير العادي، مثل التماس إعادة النظر إذا ظهرت أدلة جديدة أو تم إثبات وقوع تزوير أو غش أثَّر في الحكم. لكن هذا الخيار مشروط بشروط دقيقة ومحددة في النظام.
ما معنى تم تأييد الحكم من محكمة الاستئناف؟
عندما يُقال إن الحكم قد “تم تأييده من محكمة الاستئناف”، فالمقصود أن المحكمة المختصة بنظر الطعن قد راجعت القضية وقررت أن الحكم الابتدائي جاء سليمًا وموافقًا للأنظمة الشرعية والنظامية، وبالتالي أيدته دون تعديله أو نقضه.
هذا التأييد يُعد بمثابة اعتماد رسمي لصحة الحكم من جهة أعلى، ويترتب عليه اكتساب الحكم لصفة القطعية ما لم يُطعن عليه أمام المحكمة العليا – إن كان قابلًا لذلك – وهو ما يمنح الحكم قوة التنفيذ والإلزام القضائي
أبرز الأسئلة الشائعة
هل يمكن إدخال طرف جديد لم يكن ضمن أطراف الدعوى في مرحلة الاستئناف؟
تنص المادة (23) من النظام على أنه لا يجوز إدخال خصم جديد في مرحلة الاستئناف ما لم يكن الإدخال بقرار من المحكمة لتحقيق العدالة أو إظهار الحقيقة. أما التدخل، فيُسمح فقط لمن يرغب بالانضمام إلى أحد أطراف الدعوى دون أن يطالب بحكم مستقل لصالحه.
ما المدة التي تستغرقها المحكمة لإصدار الحكم في القضايا المنظورة تدقيقًا؟
وفقًا للمادة (31)، تُصدر المحكمة حكمها في القضايا التي تُنظر تدقيقًا خلال عشرين يومًا من تاريخ إحالة القضية إليها، إلا إذا اقتضت الضرورة خلاف ذلك.
متى يسقط حق المستأنف في متابعة الاستئناف؟
المادة (28) توضّح أن حق المستأنف يسقط إذا تغيّب عن جلسة مرافعة ولم يطلب السير في الدعوى خلال ستين يومًا من تاريخ تلك الجلسة. أما إذا طلب السير في الدعوى خلال المدة، فتحدد المحكمة موعدًا جديدًا وتُبلّغ المستأنف ضده. وإن تغيّب المستأنف مرة أخرى، يسقط حقه في الاستئناف. وفي حال طلب نظر القضية تدقيقًا، ثم قررت المحكمة نظرها مرافعة، فيجب على المستأنف الحضور بعد التبليغ؛ وإلا سقط حقه كذلك.
ما الذي يحدث إذا رفضت المحكمة طلب الاستئناف؟
عند رفض الاستئناف، يُعتبر حكم محكمة الدرجة الأولى نافذًا وملزمًا، غير أن للمحكوم ضده الحق في اللجوء إلى طريق طعن آخر، مثل التماس إعادة النظر في الحالات التي يسمح بها النظام.
هل يمكن لمحكمة الاستئناف تغيير الحكم؟
نعم، لمحكمة الاستئناف صلاحية إلغاء الحكم الابتدائي وتعديله كليًا أو جزئيًا إذا توافرت مبررات قانونية ضمن وثائق الدعوى وأسباب الاستئناف المقدمة.
في النهاية، رفض الاعتراض على الحكم لا يعني بالضرورة نهاية الطريق، لكنه بلا شك محطة حاسمة تتطلب فهماً دقيقاً للنظام القضائي ومسارات التقاضي الممكنة بعدها. ومن خلال الموقع الرئيسي مجموعة المحامي سعد الغضيان للمحاماة، نؤكد أهمية الاستعانة بمحامٍ متمرس لتحليل أسباب الرفض وتحديد ما إذا كان هناك مسلك قانوني آخر يمكن اللجوء إليه؛ لأن القرار الخاطئ في هذه المرحلة قد يُغلِق الباب تمامًا على العدالة المنشودة.